jeudi 8 juin 2023

البَهلولِية في الحقائق الأصلية

 

البَهْلُولِيَة اليهودية البلجيكية

طنجة : مصطفى منيغ

ما نَسيتُها أبداً ولن أنساها قَط ، علّمتني كيف أفرح أكنتُ في "البْهَالِيلْ" أو بروكسيل أو طرابلس أو مَسْقَط ، أطلعتني على معنى أن أظل واقفاً  أسعف عدوِّي مهما في فخِّ الفتك بي سَقط ، أيقظتني مِن غفلة الطموح الزائد حيثما ثقله بين أفكاري حَطَّ ، لأتصرف عكس الجوانب بل انتقِي الوَسَط  ، في أي محورٍ ساد الاختبار اختياراته كأنه مِن بُعدٍ زمنيٍّ بما يتضمنه احتاط ، إذ التغيير ملحمة نضالٍ حكيمها القويِّ بأي شيء خلال لحظة عُسْرٍ به نطَّ ، ماسحاً ما تجمَّعَ فوق أدمغة أشرار لفوا حوله من غبار بأعجبِ فُوَط ، يَسْرِي تِيار التقويم النبيل بين منسوجاتها باحثاً للتوقُّفِ (ولو المؤقت) عن أرْقَى وأجود مَحَط ، غير مُكْتَشَف للرُّقباء  والسبب الأنسب مَن اجتهدَ وابتكرَ ولتفرُّدِ ذاك الموضع يَبْقَى بالاختباء المُحكم هندسَ وخَطَّط ، عن طيب خاطر تعلُّقاً بالنجاح مهما عَيَّنَ المجال بلا تحيين للحيل ولا تمويه للعِلل ولا مساعدة أي مقعد مُعتَمَد لدى الآخذين الأمور باستعمال الشَّطط . لَقنَتْنِي أن الأهمَّ مَن استوجب إحرازه لا يُصاغ إلاّ بالصراحة ووضوح رؤية وهدف بريء من أي ضرر معدٍ للتهديد ليس إلاَّ إن انقلب المُراد لضدِّه بدلَ أن يكون لبّه (لِمَا غَلاَ ثمنه) قد اقتنع ولقبوله ما يتبع الاستفادة مِن مستفيد قد بَسَط  ، امرأة أنضجت حَواسِّي لأتقرب حيث أمارس ما هيأتني الطبيعة البشرية كغيري من المخلوقات بأمر الباري جل وعلا لأشارك طرفاً ثانيا وبالحلال استمرارية ريِّ مكمَنٍ خاصٍ بزراعة الحياة فوق أرض ممهدة بالغريزة لذاك فقط ، فمنحتني جزءاً فاض عن الحاجة مِن تذوُّق الجمال على طبيعته منبعثاً مِن داخل وجدان  أنثى عاشقة الشعور بالأمان رفقة أصدق إنسان يراعي الإخلاص ولا يفرط في القيم السمحة واعيا بروح المسؤولية وترتيبات العيش المزدوج المفرِّق بين خصوصيات العمل لضمان التأهيل المادي الرافع عن مد اليد و الانزواء لإفراغ الحنان والمودة والسلام بوضوح تام على الطرف اللطيف في الموضوع بغير تصنُّع أو ربح وقت لا يؤدي لأطيب العواقب مهما طال الأمد وتربَّصت للاستغلال العقيم  رغبة المصلحة الفردية الذاتية عن مرض افتك من الغرور كنهر لا يحصره شط .

... اللقاء الأول اعتراه غموض ما مرّ وقت قصير حتى تكشف ما حصل على إثره مباشرة أسرع تقرُّب إذ الثالثة بيننا معرفة مِن أيام الصّغر في مدينة القصر الكبير يهودية مغربية والدها تاجر معروف في حارة الملاح أو الديوان كما يطلق عليه أهالي تلك المدينة الرائعة الماضي الخائبة المستقبل قدمتني للبهلولية على مضض لاهتمامها بشخصي من زمان الحب الصغير ونحن نتجوَّل اليد في اليد يستقبلنا استحسان مَن رآنا على تلك الحالة من الانسجام ولو كان ببراءة الأطفال وجهل تام لما يفرِّق بين إنسان طيِّب ، وأخيه لكلّ منهما لأفعال وتصرفات الخير مستجيب ، لم تكن الصدفة وحدها مسؤولة عن تغيير مجرى مصير رجل وامرأة ضمَّتهما الغربة ، ووضعتهما الأقدار لإعطاء المثال الناصع لتعايش الأضداد تحت سقف واحد دون حدوث تصدع من أي نوع كان ، وتلك بيِّنة عالية الدلالة عن قدرة الحب الصادق التغلب على حيثيات مهما صعَّدت أو خفَّضت العواطف الفردية الجيّاَشة صوب تشبث النَّسب بالمُنتسِب إليه ولو كان الأخير لا يستحقّ مثل المجازفة أو التضحية بفقدان محبوب ، ليس الانتماء لخلفية جد مؤثرة في كيان إنسان ما يجعله منساقاً كفاقد البصر لمن يقوده حيث المألوف التعلق به واجب ، وطريق مهما اعوَجَّ المفروض أخذه حتى النهاية بحكم التربية على المشي فوقه والاستئناس كلما تقدَّم نحو الهدف المطلوب ، وصوله بنداء ضمير يجعل الوطن فوق كل اعتبار له الأسبقية لتلبية أوامره مهما كانت نائية عن الصواب غير مفعمة بأصدق النوايا أو أكثر نفعا لعامة الإنسانية في الحد الأقصى . إنها عقدة الإسرائيليين ، كلهم متيقِّنون بعدم أحقيتهم امتلاك ارض يعترفون سِراً فيما بينهم أنها فلسطينية ، ومع ذلك يقترفون الفواجع ويحركون قوافل الدمار لقرض وجودهم فوقها بالقوة ، مبتكرين من الأسباب التاريخية ما يكذبون به على أنفسهم ، متحمِّلين وزر معرفتهم الكذب على أنفسهم بلا مناص مما يحسونه كآدميين من لحم ودم  عن تجميد ضمائرهم لأجل غير مُسمَّى ، البهلولية تصرفت معي بما قد يؤكد حسب ذكائها أنني منفصل عن القضية ، فتجاهلت أحياناً التحدث فيما يُرَجِّح الخلاف ومَن يدي بعده يتم الانفصال ، لكنها أمام صمتي الغاضب تضطر أحيانا الدفاع عن موقفها وهي متيقنة أنها  خاسرة به حق الإدلاء برأي محترم يشد الانتباه ويراعي الإنصاف ويرضي الواقع بمطابقة الوقائع ، وما ينتج عنها من تصرفات لا تراعي حقوق الإنسان ولو في الأدنى ، كانت على معرفة بمواقفي المبدئية المتعلقة بتضامني المطلق مع الفلسطينيين ونضالهم الشجاع لتحرير أرضهم مهما تحملوا من صبر ومعاناة ، وما تقاسموه من حرمان وويلات  ،ما يتعرَّضون اليه على امتداد الوقت ليلا ونهارا ، بل مستعِدّ للذهاب حيث يجاهدون لاستشهد في الطليعة رفقة مَن استشهدوا من أبطال مغاوير ليس لتضحياتهم مثيل ، تؤرخ لحب الوطن ما يسمو به ويفتخر غدا وأعلام الاستقلال ترفرف على فلسطين بقدسها الشريف عاصمة ، مأواهم الجنة بمشيئة الرحمان .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

https://assafir-mm.blogspot.com/

 

 

البهلولية مغربية إسرائيلية

طنجة : مصطفى منيغ

للذكرَى سِحرٌ لن يقدرَ على مسحه أو استنساخه أمهر السَّحَرة ، ولو استعان بأعقد طلاسم تسخير الجن وكل تمائم المفعول اللاَّمعقول ما قدَّم في مثل الشأن أو أَخَّر ، التصقًت في تلاحمٍ لا يزيغ مهما تقدَّم الزمن بالذاكرة ، خزان لا حصر لحمولته تُحْسَبُ يوم الحساب لولوج أصحاب الحسنات الرابحة معها جنَّة الخلود أو انجرار ذوي كذوات السيئات فيها حيث القعر الجهنّمي المشتعل على الدوام بأسماء القوائم الخاسرة . قد يكون للذِّكري مقَرٌ سِري معروف بغير عنوان لذاكرة مسؤولة حالما يتمُّ إفتحاص ما مرَّ من حياة صاحبها على الأرض حينما يُغادر للآخرة ، سعيد بما أنجز لصالح نفسه أولاَ ولمن حَوْله ثانياَ ولعقيدته الأساس القاطنة فؤاده أو علي لسانه بنطق الحق ظاهرة ، ذات الأصول المقدَّسة الطيِّبة بشذى الإيمان بالغيب مُعَطَّرة ، أو شقيٌّ بما اقترفَ مِن معاصي ولشتى المؤامرات المتنوعة الأضرار دبَّر ، أو داخل مؤتمرات لحقائق وَهْمِيَّة زوَّر ، بتشارك وطيدٍ مع أبالسة جلسات مجون في كل ليلة حمراء للفجر مع الفجور سَهَر، حيث الراقصات بحيائهن الفارز عَرق الاختناق من تصرفات مُنكرة ، يخفين دموع الألم عن ظروف حوَّلتهن لبائعات هوى جَلباً لقوت مَن ينتظرهن في أكواخ الظلم بين حارات أقرب للمطارح شكلاً ومضموناً وما خفي يكون العن ممَّا ظَهَرَ في عديد بلادِ لا تحترم حقوق مواطنيها كأحقر ظاهِرة.

الذكرى لا شأن لها بغض الطرف متى الوقت بها ابتعد أو سد حيالها باب اللحظات المُسَخٍّر النسيان ولو لتأجيل ما يعقبها من ندم وحسرة ، هي للماضي - الحاضر سِجِلٌ لا يشيخ ولا يقبل تنحية أي جزء من شريطِ معاوَدَةِ الأحداث بتطابقٍ تامٍ كاملٍ كما حدث لا تنقصه حبة رمل التقطتها فيما التقطت  العين  ساعتها أدقَّ صورة .

... أحببتُ بلجيكا المملكة الأوربية الأقرب للمهاجرين الوافدين عليها (وكنت مِن الرواد الأوائل أحدهم) بنبل سماحتها ونظافة مساحتها واحتضانها الغرباء مهما كان جنسهم ومستوى تكوينهم وأصول عقيدتهم لتضرب المثل الحميد المحمود عن دولة بالفعل وليس بالقول فقط متطورة ، تجمع ومن إلحاق الفضلاء بما يناسبهم لا تشبع  عن ذكاء يرى الإنسان كومة أحاسيس المُعاشر إيَّاها بإحسان لعميد أسرة منتجة للخير كَوَّنَ لتضاف للبرَرَة ، قوانينها بارزة لحجمها الحضاري المحافظة على الموروث الثقافي الخاص المساهمة به في ابتكار ما إن رآه الغير أو سمع عنه أو شمَّ رائحته ألزَمَ نفسه باحترام عظمة بلجيكا شعباً ووطناً مفتخراً  بها بين الأمصار أكانَ مُقيماً بين أحضانها أو عنها يغادر جسداً ولا عضوا مسؤولا من أعضاء جسده تتقدمهم الذاكرة يكون قد غادر . ما أتيتُ إليها بحثا عن عمل إذ كنت أحد الموظفين في بلدي المغرب ولكن لأتعلم أن يكون الإنسان مجرَّد إنسان مجرّباً ملذات الحياة الشرعية بنظام وانتظام مواكباً الحاصلين على أُسلوب ابتكار الأجدر والأنفع والأسهل لمواجهة هدوء مفعم براحة الضمير قبل البال طاردا من أمامي كلّ حَيْرَة ، فاستقبلني  جوّها بما أحاط ويحيط به الترحاب ممهدا حيالي عناصر البقاء كما أريد لأفعل في نطاق القانون المحلي ما أختار ولي على تَحَمُّل مسؤولياته العزيمة والقدرة ، وكم كنت محظوظا حينما اصطدمت عيناي بعيني البهلولية خلال نقس الأثناء المؤسسة لاستقراري في هذه الديار الموقرة ، فخلتُ مستقبِلاً ابتسامتها الحلوة أن شمس  التغيير لاجتاز مرحلة الوحدة المملَّة الضاربة في الأعماق لترسيخ قنوط لا يُرى بل يُلمَسٌ ذهنياً كزعيم  لكل ضرر قد لاحت تبْقِي على الربيع الإنساني ما يعشق عشاقه من خُضْرة ، ومنذ اللحظة المشهودة وقشعريرة تجتاحني كلما غابت مؤدية ما برَّرت به الابتعاد عني أنه وفاء الارتباط بالعمل من أجل الحفاظ على بقاء وطن فيغلب عليّ الظن أنها في القضية على هذا المنوال قد تكون آمرة وليست كما تدعي مسلوبة حق المُعارِضة  مَن على نزع فتيل المزيد من الاقتتال مُصِرّة.

... أن تكون المرأة مغربية فهذا شيء جميل وانتساب تفتخر به إفتخار أرقَّ وأشرَق مَفخرَة ، فإن أضافت إسرائيل لما يغرِّف أصلها وفصلها فذاك أمر لدى فئة مُعيَّنَة أغرب مِن العجب والأهون على المُبتَعِدِ عنها مِن تَقَبُّلِ ما يُقال عنه مصطاد بأفتك صنارة ، لم أكن مضطرا لإرضاء القليل من الناس لا يرون إلاَّ مِن زاوية مربَّع التقصير في معرفة معنى الأخذ بمبدأ السّماح .. والتدبير القائم على الاندفاع كسجين بُشِّر بالسَّراح .. والاقتتال بغير تدريب على حمل السلاح .. وبلا فهمٍ لمن يُباشر حرِّيته عن قناعة وحسن نتائج أصعب اختبار للحصول على أنجع خِبرة، البهلولية لها قلب يخفق بما لها من حق أن تحبَّ مَن أحبّت بإخلاصٍ ووفاء كسائر البشر مهما اختلفت ألوان البشرة ، ليس صحيحا أن الحبَّ أعمَى بل تمعن (قصير طويل لا يهم) ليس بالمحدود الموقف كالبصر وإنما بالبصيرة ، العاقل في الموضوع لا تتحكَّم فيه النزوات المؤقتة ولا الطيش الصادر عن الرغبات المُشتَّتة بين اللذة المجانية والتخلِّي عن تبعات العواقب الزجرية وتغييب الاختلالات الصحية العديمة الرحمة بفتح السقم باب نهش السليم الممزوج للحظة ملعونة مع الملوّث الكثيف الخطورة .

إسرائيل غير مُغيَّبٍ عليها صفات الاعتداء على شعب فلسطيني شهدت الأرض بقاراتها الخمس أنها متمادية في ذلك بإيعاز قِوى كُبرى ، لها مصالح توسعية في منطقة الشرق الأوسط كغيرها من المناطق النائية الأخرى ، وبذلك تكون إسرائيل ذاتها تتمشَّى وفق تعليمات وكأنها آخر جارية مُستَعْمَرَة ، إذن مواجهتها لن تكون بالنِّضالات التقليدية وإنما بما ذهب إلية الذكاء المغربي وخاصة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني  وكله مُسانَدٌ من لدن التاريخ والمطَّلعين على أسرارٍ منها ما جعل القضية عن التمتُّع بحلٍ نهائي متأخرة . 

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

https://assafir-mm.blogspot.com

https://zagotanews.blogspot.com/

 

 

البهلولية والمضايقات العائلية

طنجة : مصطفى منيغ

لا تَحْسِبَنَّ صِنفاً من الإرادة  طَوعَ مَن لمُمارستها أرَاد ، تتمَنَّع أكثرَ الأوقات حتى تتأكد ، أن طالبها مِن جِدِّية إلحاحه  الالتِحاق بطوابيرها عبر العالم زَاد ، لتُلْقِي على صدره رُزْمَانَة من الشروط أخفّها متكيِّفة في جوهرها مع أقصر مَدى سَاد ، إن تمكَّن مِن ضبط أسلوبه في الحياة حلوها ومرّها على نسقٍ واحد حازم لا يتغيَّر له البداية والحَدّ ، ينتقل بينهما بعقلٍ مُدرك أن النفاق مُسيطر والحسد قائم بالمرصاد ، والشر على ناصية طريق ينتظر على الأقل أحد ، مِن الخارجين على الطبيعة بدهاء لا يرضاه موسى أو عيسى أو أحمد ، عليهم السلام وكامل التَّوقير أكثر من الطيبات المعدودات في دنيانا عَدَد . الإرادة لا تمنحها إدارة تُكتسَب من خلال أصدق إيمان أن الإنسان وُلِدَ لهدف تعمير البسيطة لاستمرار ما يتحرَّك فوقها في حاجة إلى انضباط بالحق حتى لا يهيمن القليل بالباطل على السواد و فيهم الأبيض والأصفر والأسود ، فهل للإسرائيليين إرادة لإبعاد الخَلْق جميعهم من شرور ما  بفلسطين يفعلون مرة لإشهار قوتهم مدَّعين أنها لا تُقهر ومرات مجرورين بطبع العِناد  ؟ ، التشكيك مُسجَّل على نطاق واسعٍ مُستثني بعض قيادات دول عربية مشرقية المساهمين بكيفية أو أخرى في إطالة أمد ما جرى ويجري خدمة لمصالحهم (دون شعوبهم) مع الحاكمة الكبرى وإن نأت عن المكان فثمَّة إسرائيل متورطة حتى النهاية تحت إمرتها بانبطاح مصيره حتى الآن غير مُحدّد. 

... للبهلولية إرادة أحبت بها شخصي المتواضع رغم الحرب المعلنة عليها بسببي من لدن جهاز يعتبر نفسه صاحب آخر كلمة في حقي إن قالها بلا نِقاش الأفضل أن تُنَفَّذ ، وإن أخفت البهلولية علىَّ الموضوع حتى لا أهاب أو أدهش من شأنه أو كأضعف الإيمان أرحل من مجموع بلجيكا لكنها اكتشفت في ذات الوقت أن لي من الإرادة ما يجعلني مهما كلفني الأمر أن أصمد و أتجلَّد .

مند البداية أقحمتُ نفسي بالمرور وسط نفقٍ الإفلات منه إنْ حَصَل َيفتح المسالك العادية الأخرى بأيسر مجهود يُبذل مهما كانت الرؤية السياسية  ليلاً أو نهارا و ما سَمَحَ به الشَّفق ليستعدَّ مَن يحاصره الظلام بما عساه استعَد ، ليست الحرية كما تخيلها العربي قبل مغادر الشريط الجغرافي الممتَد ، من المحيط إلى الخليج والمُوَزَّع على اثنين وعشرين فريقاً ولو وحدتهم اللغة وضمن خيرهم الدين الواحد ظلوا متشبثين بنزعة وعصبية الفُرْقَة لذا كل ضغط من لدنهم على إسرائيل في حينه يتجمَّد ، إذ لا وجود لرابط يحتِّم على قومَتِهم إن وقعت (كمعجزة) قادر بها أن يتمدد ، بل الحرية تصرف تربوي صرفت بلجيكا عليه نصف عمرها لتحقِّق سريان المفهوم للحرية ملازم للاحترام والتوقير ومحبة المساواة تحت مظلة عدالة ماسكة ميزان الإنصاف بكفتي الحقوق والواجبات في إحداها والقوانين المعمول بها في جميع المجالات في أخراها ليس بها ما يعني أن هناك الأعيان والأسياد ، فجاءت الحرية بالنظام والانتظام وإعطاء المسؤولية لمن يوفرها له جهده المعرفي العلمي واستعداده المطلق لخدمة الصالح العام وفق منظور جماعي السِّمات الرافض دواعي الهيمنة في المهد . الحرية قول "لا" عن اقتناع كاسب الضوء الأخضر من الحكيم الضمير المحلِّل الدقيق بآليات أوجدها الخالق المبدع لتكون الحصن الحصين لمن اعتبر الحياة في الفانية مجرد عبور للخالدة فعبَّر بصراحة الصراحة  مهما كان الموضوع وأجاد ، و"نَعَم" أيضا مقابل أخلاقيات صفاء شروط الاختبار البعيد عن مسك الثمن كخيانة للعهد ، المبرم بين الصلحاء القابلين النقاش قبل خوض أي معمعة أو السكون للراحة الكافية قصد التمعن في وسائل وإمكانات الاستعداد ، لمواجهة المُتَّخِذِ الطريق العمومي على هواه غير تارك نافعة إلا ولها هَدّ ، وللباقيات على فضاء أرحب هدَّد .

...كلما رغبت في احتساء كوب قهوة معدَّة على الطريقة الأمريكية الصرفة خارج بيتي قصدتُ المتجر الضَّخم المسمَّى آنذاك "شَرْمَا" المطلّ على الشارع الملكي القريب من مقر عملي كأحد المُلحقين بالمكتبة الفرنسية التابعة لوكالة توزيع الصحف الكائنة في زقاق "بِرْسِيل" ، وبينما أنا جالس اقترب منى رجل ، أنيق الملبس وسيم الطلعة يسبقه الإعجاب بنفسه لدرجة لا غبار عليها ، ليسألني إن كنت أعرفه ولم يستغرب إن أجبته بنعم وبكونه والد البهلولية الذي رأيت صورنه ضمن صور عائلية أخرى في حجرة نومها ، وقبل أن يستمر طلب مني أن اتبعه لأي مكان هادئ لمعالجة موضوع أزْيَدَ من خطير ، لبَّيتُ فحوى طلبه وفي ركن من نزل "الملكي" الفخم الذي اختاره ليبارزني على سجيته في نقاش حسبته عاديا ًعكس الذي اعتبره بالحاسم ، قال لي بفرنسية متقطِّعة وبأسلوب تتجلَّى معه العصبية الممزوجة بكبرياء مصطنع لا يتقن تجسيمه إلا في لحظات يريد فيها اهتمام الغير به :

- اعلم يا مصطفى منيغ أن حياتك منذ ارتباطك ولو المؤقت بابنتي أصبحت مهددة بتصفية جسدك في أي لحظة يتم تعيينها من جهة الأفضل أن تجهل مَن تكون ، أمَّا إن عرفتها إسْوَدَ العالم أمامك وضاقت بك الأرض أينما اتَّجهت حتى داخل المغرب ، فان كنت قادرا على التفكير الموضوعي الميَّال لمنح الموقف ما يستحق من عناية قصوى ، أن تترك ابنتي وعالمها الخاص الذي كَوَّنته بعرق جبينها واجتهادها الأسطوري في الحصول على أعلى الدرجات العلمية من أحسن كليات جامعات المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ، وأيضاً بذكائها الفارضة به وجودها في أوساط لو تخيلتها فقط ، لهربت بنفسك إلي جزيرة مَلْطَا لقضاء ما تبقَّى من عمرك لا يعرفك أحد حتى تبخُّر رائحتك من هذه الدنيا . أعتقد أنك استوعبت الرسالة التي حضرت بنفسي لأبلغك ما ترمي اليه من أوامر عليك بطاعتها على الفور وإلا لن تشرق على رأسك شمس الغد .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

https://assafir-mm.blogspot.com

https://zagotanews.blogspot.com

 

 

البَهلولِية في الحقائق الأصلية

طنجة : مصطفى منيغ

التهديد بالذبح من الوريد إلى الوريد ، شِيمة الخائفين من خطر جسيم عليهم وارد، إن انكشف أمرهم ضاع سرهم وانتهى وجودهم بالتأكيد . القضية ما كانت لتأخذ حجماً لا يقبل التراجع إلا بترك الطبيعي ينمو كالقديم من الجديد ، فلسطين أكبر من حشد أعدائها قتلة محبيها عبر دُنا الغرب لإخماد أنفاس العاملين على نصرتها بالروح والدم والجسد ولو ضُربوا غدراً بالنار و الحديد ، عظمتها في شعبها العظيم الوفي للقدس والمزدانة بنخوة الشرف العربي غير قابلة أصلا ولو بكل ما تتعرَّض إليه من تخطيطات التَّبديد ، للتخلِّي عن هؤلاء (ومن الجنسين) الذين برهنوا أنهم يحملون في صدورهم الإرادة الفلسطينية لغاية تحقيق الاستقلال التليد الوليد ، التهديد عنصر مضاف لكثير من التصرفات الظَّانين بها أصحابها أنها في كل مسار قد تفيد ، مجرد سلاح خشبي بين يدي الحالمين أنهم الأقوى وهم في الواقع عَبَدَة وَهْمٍ متى اصطدموا بما هو أشدّ من الشَّديد ، رجل لا يخشى دود القبور إن استشهد وتعلّقه بالدفاع عن فلسطين كمبدأ عنه لا يحيد .

... ليس والد البهلولية من تجرَّأ رافعا صوته بما نَدِم عليه بل تبعه الذين وقفوا حيارى بين تنفيذ الأوامر المعطاة إليهم مِن لدن خدام "تل أبيب" مِن مدنيين وبين اطِّلاعهم على سُلَّم الناهين وهم مِن العسكريين الذين لا تُرَدّ لهم كلمة ولا ينفع لصدِّهم وَعِيد ، البهلولية لم تكن معي سوى أنثَى ضمَّها صدري في أُلْفَةٍ مشروعةٍ وحنان لا يقبل أي مِحرار يقيس درجة صِدْقِهِ لأنه الصِّدق المزدوج بدفء موهوبٍ بقدرة القادر لمن تصرَّف بعيداً عن أي نزوة وراءها كبوة صادرة عن موقف يعقبه فعل غير سديد ، امرأة مغربية إسرائيلية يهودية ثارت بحبها لرجل معربي مسلم مقيم في المملكة البلجيكية  على جهاز أمن دولة فارضة حقَّها في العيش مع مَن تريد ، إن كانت تلك الدولة كما تدِّعي ديمقراطية الاختيار لمن ارتبط بها جنسية له الأسبقية للتمتع بما يُحْرَم على غيره ولو كان أمريكياً لا يحتاج لمقره هناك أي تمديد ، دون احتساب الدين العبري فذاك شأن لا زال الجدال قائما في شأنه تَرْأَس تسييره علمانية لا ارتباط لها إلاَّ بتطبيق ما تضمنته وثائق البرتوكول السري / العلني المؤسِّس لما يتطلَّب الهدوء الاجتماعي الداخلي لمواجهة الاستحواذ المباشر حيث يُباشَر مِن عقود كمقدمة لإسرائيل الكبرى  كحلم أقربه أبعد مِن بعيد ، امرأة حملت استقالتها لقلْبِ مَن يحكم لدى الصهاينة متضمنة الأسباب المصبوغة بلون الأدلة بإطالات مملَّة خلاصتها تدشين مرحلة التفكُّك الإسرائيلي مِن داخل الداخل بغضب حرمان الأركان الأساسية من رغبات تحملت مسؤوليات تبعياتها ولم تُؤخذ (لغرض واهي) بعين الاعتبار بل ظلَّت مُتأرجِحة بين التأجيل والتوافق على أفكار بها إسرائيل لفكِّ مثل الحواجز الإنسانية لصالحها تعيد ، ليتم الحسم بتوزيع الحقوق على الجميع بكيفية منصفة دون ما يقع بين الفينة والأخرى من إجراءات ارتجالية مؤسفة تؤلِم الكَبِد ، امرأة مهما عبّرتُ لن أفي لجمالها بما يشعّه من سعادة نفسية تجعل الكآبة وفد انقرضت من قاموس تعاريف الحالات الحسية لأحزان البشر ، بل وركّز نفس الحُسن على المحتضن إياه ليكون المُبارك الأكثر قناعة أنه أخذ من الزمرُّد كبرياء ثرائه ومن الجوهر لمعان بريقه ومن الذهب المٌصفَّى اصفرار كنز بين الكمّ والكيف مُخَزَّن في عشِّ اللقاء الأخصَّ من الخصوصي مَن بتيار نشوة الحب الحلال مُزوَّد .

... عادت من إسرائيل مغتبطة بما حققته  من فوز ساحق لارتباطنا معا دون تنغيص من أحد ، أكان من الجهاز ذاته أم المتطفلين الذين وُجِدوا لإفساد كل صرح جميل مشيّد على أساس جليل قوامه التعايش بالكثير بعد القليل بين أبناء وبنات آدم عليه السلام دون الالتفات لسياسات تكرِّس فوق أي أرض المعادلة غير العادلة تُوزِّع الناس على هواها هؤلاء سادة وهؤلاء عبيد ، عادت لتصارحني عن طيب خاطر باستعدادها الفوري لاعتناق العقيدة السمحة إن كان الأمر يُغَطِّي احتياجي في إرضاء ما تنصّ عليه شريعتى من شروط الارتباط الأسري بين المسلم وغير المسلمة على وجه التحديد .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

lundi 27 septembre 2021

كالأمْس، غداً تشرق الشَّمْس

 

كالأمْس، غداً تشرق الشَّمْس

بروكسيل : مصطفى منيغ

ما استمرَّ نظام حُكمٍ الشَّعب غاضب عليه ، كالحاصل الآن في الجزائر واليمن ولبنان وسوريا والعراق وفلسطين والسودان وأفغانستان والقائمة تطول عبر العالم داخل قَرّاته ، الاحتجاجات متواصلة وسجون الجزائر مزدحمة بالمحكوم عليهم جوراً من أبناء شعب المليون ونصف المليون شهيد لمجرَّد وقوفهم في مواجهة جبروت جماعة من قادة جيش أُحِيلَ بتوجيههم على محاربة أهله ، وكأنهم من كوبٍ آخر لا يهمُّهم بشر مكدَّس في دولةِ الفقرِ والجزائر كبلدٍ من أغنى بلاد العالم لو وُجِد مَن يُحسن تدبير شؤونه ، فأي ظُُلم أشرس ممَّا يُمارس منذ سنوات على شعبٍ دون أن يُواجه بما  لعبرةٍ يحوّله ، تُتّخَذ لتربية مَن يتحمَّلون مسؤولية حُكمِ شعوبٍ لا تَقِلّ قهراً عمَّا يتعرّض له الشعب الجزائري للأسف الشديد فوق أرضه . الدموع مُشكلة أنهار تُسكَب من مأقى اليتامى والأرامل والمسنِّين ورثة الشهداء الأبرار الذين أرادوا للجزائر الحرية والكرامة والعزة والسؤدد فإذا بها مبتلية بأصحاب البطون التي لا تشبع والتصرفات لأحَدٍ لا تنفع وللثروات بالنهب المُمنهج لذاتها تجمع وليُترَك الباقي لمصيره ، متشرداً حياً/ مَيِّتاً لا يقْوَى على محاربة أعدائه ، مِن جنرالات آخر زمن كبروا على مصِّ لبن فرنسا الاستعمارية لتتبناهم وتقذفهم للتّنغيص على شعبٍ جزائريّ أصيلٍ ما أشقاه بهم .

... السودان ، المُصاب بتجهّم الزمان ، بوجود سلطةٍ لا تُراعي حقَّ الشعب مهما كان الميدان ، كحرفٍ من حروفِ عَِّلةٍ تُمَيِّزُ بأَجْوَفِ فعْلِ "كان"، آخر إبداعاتها "انقلاب" لتحويل غضب الرأي العام لمسار الانتباه لخارج ملعب فرسان ، يتسابقون لاستغلال ما كُلّفوا بانجازه سراً من طرفِ الأمريكان ، لا تهم "شيوعتهم" ما دامت عير تابعة لا لروسيا ولا للصين وعقيدتهم غير خاضه لا لمكّة ولا للفاتيكان ، جماعة من "العسكريين" وجدوها سانحة للسطو على مناجم الذهب وما قد يعثروا عليه بالسَّاهل من لؤلؤ ومرجان ، كأن السودان أمام من يفرغها من رزق شعبها المصابة طليعته بالخذلان ، اعتقل الخوف بعض من أبطالها الشجعان ، والباقي داهمتهم موجة الصمت لتمنع اتصال يشعلها ثورة مجيدة لإنقاذ أشرف وطن ، أرادوا بالانقلاب توريط المخابرات المصرية بإيعاز من دولة عربية تموّل مثل المؤامرات لتتربع فوق رؤوس ما تسميهم بأقرب الخلان ، لتقتسم معهم خيرات نفس المكان ، الذي تحكمه معهم بدهاء فاق مكر الشيطان .

... لبنان، جميل الطبيعة والبنيان، ماذا اقترف شعبه الطيب الواعي المثقف

النظيف العقل الفصيح اللسان ؟؟؟، ليُعاقب بما يؤخّر ويخرّب ويفجّر ويروّع بال الإناث الصغيرات منهن كالكبيرات  بعد الشيوخ والصبيان ، أهو الانتماء الأعمى للطوائف مثل رئيس البرلمان ، مضاف لحزب تابع قلباً وقالباً لدولة إيران ؟؟؟ ، أم ضعف رئيس دولة اختار بين الشعب والمصلحة الذاتية الأخيرة ليُنهي ما تبقَّي له من عمرٍ في أمان ، مُتناسياً أنَّ الرُّتَبَ العسكرية مهما مجّدت حاملها لا ترقَى على موقف مهما كان قصيراً من رِضا أو سخط الشعب الموحَّد الأركان ،  فلا قيمة لمن جعل أيادي لبنان لتتسوَّل القوت من نُظُم الطغيان ، الملطّخة ضمائرها بدم الأبرياء في سوريا كاليمن .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

mardi 10 décembre 2019

كارمين مستغربة إهمال المعنيين



كارمين مستغربة إهمال المعنيين
برشلونة / مصطفى منيغ
المرأة نعمة متى كانت واعية، وأحسن من ذلك إن كانت بتعليمها في مرتبة عالية، والأفضل ممَّا سبق إن كانت من الجامعة تخرَّجت عالمة في تخَصُّصِها مثالية. كارمين عزَّزَت كل ذلك بمنصب سياسي رأي حزبها أنها تستحقه بل ستُبدع داخله بما يؤهلها لتكون صمن طليعة صفوف مناضليه في السنوات القليلة القادمة ، انعكسَت كفاءتها من خلال اندماجها مع أي موقف أُقْحِمَت فيه بالصدفة أو كانت لسببٍ نابعٍ من تلقاء نفسها لتخرجَ منه مستفيدة استفادة كاملة. تُتقن المناورة السياسية بشكل لطيف تتظاهر خلاله بتواضعٍ فكري حتى يفرغَ الآخر أقصى ما عنده، ثم تسحبه رويدا رويدا ليعترف بنجاحها ، مهما كان الموضوع يؤدي لتغيير الاساليب القديمة الى أخرى بديله ، هدفها الأقوَى خدمة الإنسان حفاظاً على مورد رزقه  وكرامته واستقراره ومواطنته وأمنه وحريته وصحته وتعليمه بكيفية دائمة . تعيشُ حياتها طولاً وعرضاً بما تراهُ مناسباً لقناعتها، دون توجُّه من أحد أو الرضوخ لأي عامل مهما انتسب لوسطها العام أو الخاص، محافظة على شرفها بمسؤولية وارادة مرتبطة بضمير يؤيدها، مستقيمة التصرف بتحمل أكيد لخلفيات نتائجه عكس ما يَعتقد البعض، غير معتمدة لا على جمالها كأنثى ناضجة ، ولا على أناقة مظهرها، ولكن على احترام نفسها مِحْوَراً لاحترام الغير لها ، عالَمية التوجُّه دون تخلي عن هويتها "كَكَتَلُونِيَة" أصيلة لغة وثقافة وتقاليد وأعراف .
... ونحن في مدينة ّمَرْتِيلْ" المغربية للاستجمام والراحة، والأهم من ذلك الابتعاد عن صخب وضجيج مدينة كبري "كبرشلونة" ، وبعد سماع زوجة شقيقي لما صرَّحَت به "السيدة" معتقدة أن أسرتي لا تتقنُ في مجملها اللغة الاسبانية وهي تتساءل بصوت عالي  عن موقعها في مكانة هذا الجو الذي لم تؤنسه من قبل ، قَرَّرتُ أن أبقيها بضع أيام وسط ذاك الجو، لتعلم أنه لا يختلف كثيراً عن الأجواء العائلية المحافظة الاسبانية ، وخاصة في هذا الجزء المُحتَّل كان من لدن اسبانيا ، لم تقبل أول الأمر معتبرة أن رغبتي في الانفراد بكارمين مَن أوحَى لي بالفكرة ، لكنها تناست الفاعل وقد أخبرتها أنني ارغب في زيارة مدينة "القصر الكبير" ومرافقتي لذاك المكان يمثلُ خطورة وخيمة العواقب عليها، بسبب إقامة والدتها هناك، وإفراد عائلتها غير الآدميين .
أخبرتُ شقيقي أنني متوجه و كارمين صوب مدينتي العرائش فالقصر الكبير ، تاركا "السيدة"في رعاية زوجته ريثما نعود بعد يومين أو ثلاث .
... فارحة فرحا لم أعهده من قبل يرسم على محياها هالة من ضياء حماس الشباب وإقباله الأقوى للتعاطي مع سُنَّة الحياة المتمتع صاحبها بالحرية المسؤولة يفعل بها ما يشاء عقله إرضاء لرغبات القلب وإنصافاً لميولات الضمير ،  ولَمَّا أحَسَّت بانتباهي الشديد لِما يَغْمرُ نفسيتها تلك اللحظة، قذفتني بسؤال أعادتني به لماضي أردتُ نسيانه بكل ما استعملت ولم أفلح ، وفي أعز لحظة انشراح ومرح تأتيني هذه المخلوقة العجيبة المُدْرِكَة أقلّ الثواني لتستخرج مني مكنونات أسراري الكبرى الجد الخاصة بي ، التي لا أريد مقاسمتها مع أحد لتتسرَّب لأضيق مساحة يحسبُ حبها الشديد لشخصي وقد أصبحت هي الأخرى رهن إشارتها.  سألتني إن كانت حبي الأول أم سبقتها فتاة أخرى لذاك، الصمت عن الكلام في مثل الموقف عن ذات الموضوع ارحم بالنسبة إليَّ إن رَغبتُ في إبعاد المرأة التي أحبتني بكل خليَّة في جسدها عن ذِكْرَى ، لا خشية إبعادها عني ، ولكن لعدم جرح مشاعرها ، ولما طال صمتي فهِمَت أنني أفضل عدم الخوض في تفاصيل ليس الأوان أوان استبدالها بما نحن ملزمين بانتباه شديد لمراقبة الطريق السيَّار المَحروم من الصيانة فتُرِكً كما شُيِّد أيام الاستعمار الاسباني، بالإضافة إلى التفكير في مواصلة الرحلة لغاية "القصر الكبير" أم الاكتفاء بالمكوث في "العرائش" التي لها في ذاكرتي حَيِّزاً لا يُستهان به من ذكريات احتاج لمجلد كي أدوِّن مجملها . كارمين سريعة الفهم إذ قَنِعَت بصحبتي بعيدة عن "السيدة" التي تركناها في "مرتيل" وسط دفء عائلة كريمة ستعتني بها عناية تنسيها حتَّى العودة لوطنها اسبانيا.
بعد قطع 105كيلومتر انطلاقا من تطوان نصل العرائش القائمة على ساحل المحيط الأطلسي ، في المدخل تقابلنا على يمين الطريق المُعبَّد الرئيسي أطلال مدينة "لِيكْسُوسْ" المُؤسسة على يد الفنيقيين القدامى المستوطنة بعدهم من طرف القرطجانيين ثم الرومان ، مقامة على ربوة تطل على نهر "لوكوس" قبل مصبِّه في المحيط الأطلسيي . وكلما توغلنا في المدينة ازدادت حيرتنا من حجم الإهمال الذي تعاني منه لؤلؤة الأطلسي ، كأن المقصود من طرف مسؤولي  البلدية والسلطة التنفيذية (في تلك المرحلة) الاكتفاء بضمان مستقبلهم وليس مستقبل مدينة مغضوب عليها غضباً شمل مدن وقرى منطقة الشمال باستثناء "طنجة" التي لازالت محتفظة (رغم استقلال المغرب) بالرعاية الدولية وبخاصة من طرف "الانجليز" . حتى كارمين استغربت حجم الإهمال المفرط الصادر كتصرف غير لائق من طرف المعنيين التنفيذيين المحليين كالمركزيين لأسباب الواجب ذكرها بما تستحق من تفاصيل.(يتبع).
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي

samedi 7 décembre 2019

الإسبانية "كارمين" في تلك السنين

الإسبانية "كارمين" في تلك السنين
برشلونة / مصطفى منيغ
للأناقة والتواضع وقبلهما الجمال ، تأشيرة  تفتح المجال، لتلاقي رغبة المُتحصِّن بما للنُّبل أنبل ، حياء عن تربية تُبعد المانح لمثل الموقف أحسن مِثال، المجتهد بالنهار الواقف نصف الليل  يعرق ويشقى  للتغلُّب على الحال ، لتحقيق المُسَيْطر على البال ، والرجوع مِن حيث جاء قانعاً بالكسب الحلال ، ماسكاً أول الخيط لأنسب مستقبل ، ينشده مَن اختار الهجرة لبلدان أوربا بدل ذرف الدموع على أطلال ، الموضوعة عارضة يُفرِغُ الشباب بتمعن في أصنامها دون فائدة للتخلص من أثقل انشغال ، ساسَ عقولهم للتقاعس المستمر خوفا من الفشل ، ما دام الوطن ساعتها لساحة معارك تَبَدَّل ، تحاول بها السلطة التنفيذية (أوائل الستينيات من القرن الماضي) استرجاع مجال ، أرادته المعارضة أن تتخصَّصَ فيه متسلِّلَة لمشاركة نظام الحكم بما تبذله من أقوى  نضال ، ولا شيء كان سوى اقتسام بعض المدن ومنها "القصر الكبير" و"العرائش" و"تطوان" و"الحسيمة" في الشمال ، أسوأ المِحن المُغذية النفوس البريئة بحماس الصعود للجبال ، كما جاء على لسان أشجع الرجال ، في مدينة "الخْمِيسَاتْ" ومنهم الصديق الوفي "عبد القادر المِيخْ" الذي عن الدنيا رحل، ما كان للعديد أن يظل  مَن ظلّ منهم متفرجاً دون أتباع أي فرصة تلحقه بالضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط مًضحياً بما يملك محققاً ذاك الانتقال ، من عالم متخبط بما فيه لقرن على الأقل، إلى آخر مَتى سلمت نِيَّته وتوضَّحت بالحُسنى سريرته وفكَّر تفكير النجباء في شؤونه الخاصة دون مغامرة أو ركوب أمواج طائشة فاز بما شاء سالماً مُطمئناً تفتخرُ به مَن تركها وراءه داعية له بالخير حيثما وصل.
... شباب مغاربة في عمر الزهور منحدرون من الشمال ، يتدافعون للعثور على سند يخلصهم ممَّا لرغبتهم أحال، إتمام الدراسة في الكليات العلمية الاسبانية  بدل المغربية في الرباط لجهلهم اللغة الفرنسية واتقانهم الاسبانية التي انهوا بها دراساتهم الثانوية لغاية الباكلوريا بالتمام والكمال، وآخرون بلغوا سن الاستقلال بأنفسهم تمنعهم عن تحقيق ذلك قلة المال ، أمامهم الضفة الأخرى تبتسم بما يراود أحلامهم من خيال ، الرابط اليأس بالأمل ، في المنام ولو لبضع ساعات على الأقل ، أمور مهما زَيَّنها الصبر للإستلاء مؤقتا على عقول وعت مفاهيم التفتح على خصال ، الحرية والكرامة والعدالة من مبادئها التي لا تقبل الزوال ، مُضاف لها الإرادة المُقَدِِّمَة عزيمة إزاحة الموانع فاسحة لأصحابها السبل ، لأَتَوَاجَدَ بينهم في هذه المدينة التي ارتحتُ فيها مبدئياً لدرجة البحث عن مقر يضمني ورفيقة لازالت ذاتها في طي المجهول ، إلى أن لمحتها أمامي للأناقة والتواضع والجمال جامعة بما يؤهلها للقب صاحبة المعالي . اقتربت مني وسألتني كأنها من زمان تعرفني : - أراك مهتماً بشخصي لدرجة أثارت استغرابي وفؤادي لم أعهد تسريع خفقانه من قبل ، فأدركتُ بحدسي أن شيئاً ما تناقل بيننا في لحظة لا شأن للصدفة بها بل ما نحسه كرابط بيننا لتكرير لقاءاتنا مَيَّال.
أجبتها مرحباً في أدب جمّ :
- نفس الشعور تبادلناه معا كما أظن إن وجدتُ الجرأة الكافية للإفصاح عن جزئية ولو متواضعة من جزئياتها فأنا من عقلية لم تتعود بعد على التقدم ولو خطوة صغيرة بالمقابل .
- أنت مغربي وأنا اسبانية فكلانا من البشر فما أنت بقائل.
- لقد سهَّلتِ عليَّ الموضوع دون التفكير بغرور إذ التعبير التلقائي عن اعجاب متبادل ، بين ذكر وأنثى في مثل الديار شيء عادي لا يتطلب ضياع الوقت في إطالة النظرات عند تصادم العيون بل هي بضع كلمات بعدها يحصل التراجع أو الإقبال . 
للأنوثة في امرأة حسناء بهجة مصَدَّرة ، لمن التقطها بعيون غير ما للثعلب من رغبة ظرفية ، بل المُبصِرة لحقٍ خُلِقَ الإنسان ميالاً لامتلاكه بكل المتطلبات الشرعية ، الجاعلة منه أساس أسرة مُقبلة ، تُزكِّي الحياة المُعاشة ، كسُنَّة من سنن الطبيعة الإنسانية الصِّرفة بالخير لِلْخيِّرِ موصولة ، ما حسبتُ الحاصل بيننا عن بُعْدٍ مُجرَّد صُدفة ، بل إعجابٌ نادرٌ من طرفي دون أن أدري إن كانت بالفاعل تَدري ولِمَا أفَكِّرُ لصالحها مُقَدِّرَة  ، كلما مررتُ مضطرا أمامها أخفيتُ عن قصدٍ إحساسي بفرط أخلاق تُبعد في موطني الأصلي إبداء ما ستَرته في صدري لامرأة يسارع برؤيتها خفقان قلبي المتصاعد دقيقة بعد دقيقة ، وإن صبرتُ فمقلتاي طالما أبانت أمري بكيفية تُفشي للمعنية سري فاحظي بابتسامة يقوِّي مفعولها ما يغمر يومي بالسعادة ، فتجدني أشدو لنفسي لحناً كلماته "أذا نظرتْها عيني وَجَبَ الفؤادُ مِنْ فَرَقٍ ، واصْطَكَّت عوارضي كلها من فَمِِها المُرَشَّفِ المُعَتَّقِ" .
... الحياة سلسلة مناسبات ، ومَنْبَت يتلقَّى بالضرورة الري والرعاية على فترات ، مليئة بما اتصل مباشرة ببقائها من مسؤوليات ، غير حرَّة خُلِقت مهما كانت الاختيارات ، رقيبها مالكها سبحانه وتعالى من البدايات إلى النهايات ، الروح فيها شجرة أفنانها أحداث ، غير مرئية حركتها مستمرة ما دامت ، لغتها يفسر أبجديتها العقل إحساسات ، لتوفير الارتقاء بالمزروعة في جسده المكتوب عليه الولوج المؤقت مهما عَمَّر أحسن المقامات ، في الدنيا لمرحلة وفي الآخرة البقاء جنب النعم المُخَلَّدات .
... الحياة والروح بالنسبة لإنسان مثلي يراهما بقلبه وعقله ووجدانه وضميره وكل خلية من خلايا جسده مسألة تكليف لتعمير حَيِّزٍ مقدّر العيش فيه شاغلا الوقت المُحَدَّد له مُنَفِّذاً لما يَسْعَدُ به أو يَشْقَى بفعل تصرفات ، لذا مقامي في "برشلونة" الاسبانية لم يكن مقام استقرار بل مجرد عبور لغيرها مِن فضاءات ، قد يكون لقائي بتلك المرأة الاسبانية أولى العقبات ، يواجهها اختياري بالرحيل لما هو أبعد من هذه المدينة الرائعة التي استقبلتني (والحق يُقال) بمنصب شُغل وغرفة في فندق وكرسي في فصل دراسي للتقرب من علم الصحافة أزيد وأكثر والعديد من الامتيازات ، لكن ما في رأسي من طموح يفوق تلك الأساسيات ، وصولا لإرضاء ذاتي مهما كان المطلوب أدْخَلَتْهُ الظروف في يوم من الأيام (لازال في علم الغيب)  مُدْرَجٌ ضمن خانة المستحيلات . (يُتبع)
مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

mercredi 13 février 2019

من أسوان إلى تطوان 2

من أسوان إلى تطوان 2
أسوان : مصطفى منيغ
على أرضها المباركة المَُبلَّلَةِ بعَرَقِ ملايين البشر عبيداً شيَّدوا ، من الجماد معجزات ومع رحلة الزمن عَبْرَ أحفادهم جيلا ًبعد جيل تمَرَّدوا، كخير سَلَف لاقوى خلف أصبحوا، وأسياداًً سادوا، تحت مسمَّيات تمحي ما تقدَّم منها سابقتها وبالتالي كلهم بادوا ، مذ كانت "أسوان" إلى دخول الاسلام ليبدأ فيها أولى صفحات الايمان آخرها عايشت تأسيس "الأزهر" الشريف يُبقي للدين السمح الحنيف هيبته في بيوت الله مهما كانت الديار في القارات الحمس وإلى الآن وأنا من الضفة الغربية ممّن صَوبها فوق "خزان أسوان" عبروا، شاعراًً بالغريب العجيب سادني مُعَبِّراً على لساني : من تَسَنَّى له الحضور إلى "هنا" أمامه خياران لا ثالث لهما أن يحب مصر الحب الحقيقى لا مكان فيه للإنحياز السياسي الراكب على تمرير اتجاه باتجاه ثاني أو التطبيل لجهة معينة جهراً والتزمير لاخرى سراً أكان الدافع واضحا أو مرموزاً ، أن يحب مصر ويحترم "صعيدها" بما فيه من أخلاقيات  وأعراف وشيم تمثل واجهة الرجولة الفذة، والحمد على النعمة، والإكتفاء بالحلال مهما قدم الأخير لصاحبه أضيق خدمة، وأن يروي عطشه (كما رويتُ شخصياً عطشى) بماء النيل مباشرة دون تصفية أو اضافة أي مادة كيماوية ، أما الخيار الثاني أن يرحل ، وإن لم يفعل فمصر كفيلة بذلك عن أدب جمّ ، وألْسِنَة محلية تفوه بحلو نغم ، بعد أداء واجب الزيارة .
 أسوان ، لمصر الميلاد والتاريخ أدق وأعمق عنوان، مَنْ وَصَلها بالخير عانقته بالاحضان ، عناق فؤاد أم الدنيا لمن دخلها بنية حسنة وأمان ، لا تسألُ من أين أتيتََ ، بنباهتها  تحدِّد جنسيتك ، وتتصرف بهدوء وثقة في النفس معك، خلال اول لقاء ، بعدها تمكِّنكَ من المقام الذي تختاره ليرحِّب بك أهله وكأنك من أفراد الأسرة ، ذاك سر مرتبط بما سبق ذكره عن محبة مصر الحب الطبيعي البعيد عن مساحيق المجاملة العقيمة واستغلال الفرص المجانية .
اسوان حزان للمعرفة والعلوم ، وسكنٌ مريحٌ دائمٌ لمياه استمرار الحياة ليوم النشورالمعلوم، عاشقها مثلي يسمع لهدوء سريان النيل النبيل لحناً يسبح لخالقه في ترنيمات يترجمها المنصت بقلبه تضرعات للباري الوهاب أن يحفظ مصر وأهل مصر بما حفظ به القرآن الكريم ، فيها تحسُّ أنك تلامس مع كل خطوة تتقدم بها نحو أول سد شيد (انطلاقا من سنة 1899 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني كأكبر سد في عالم ذاك العصر، طوله 2141 وعرضه 9 أمتار ، تتخلله 180 بوابة ) أن خيالََ مَنْ طَواهُم الثَّرَى من سنين ساحقة في عمر الزمن يقدمون ما تشتهيه من حماس البحث عن السر الدفين لحقيقة هذه الأرض .. إن كانت مسكونة مع بدء البدء  بالبشر وحسب .. أم بأرواح لا يعلم شكلها ولا مهامها سوى الحي القيوم ، إذ ما وُجد كتراث ليظل حتى الفناء، مُلزَمٌ بتهيئ الأساسات المعجزة صلبة تنأى به عن الزوال قبل ذاك الأوان المحسوم .
مصطفى منسغ
Mustapha Mounirh
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان بسيدني – أستراليا
الكاتب العام الوطني لنقابة الأمل المغربية

من أسوان إلى تطوان 2

من أسوان إلى تطوان 2
أسوان : مصطفى منيغ
على أرضها المباركة المَُبلَّلَةِ بعَرَقِ ملايين البشر عبيداً شيَّدوا ، من الجماد معجزات ومع رحلة الزمن عَبْرَ أحفادهم جيلا ًبعد جيل تمَرَّدوا، كخير سَلَف لاقوى خلف أصبحوا، وأسياداًً سادوا، تحت مسمَّيات تمحي ما تقدَّم منها سابقتها وبالتالي كلهم بادوا ، مذ كانت "أسوان" إلى دخول الاسلام ليبدأ فيها أولى صفحات الايمان آخرها عايشت تأسيس "الأزهر" الشريف يُبقي للدين السمح الحنيف هيبته في بيوت الله مهما كانت الديار في القارات الحمس وإلى الآن وأنا من الضفة الغربية ممّن صَوبها فوق "خزان أسوان" عبروا، شاعراًً بالغريب العجيب سادني مُعَبِّراً على لساني : من تَسَنَّى له الحضور إلى "هنا" أمامه خياران لا ثالث لهما أن يحب مصر الحب الحقيقى لا مكان فيه للإنحياز السياسي الراكب على تمرير اتجاه باتجاه ثاني أو التطبيل لجهة معينة جهراً والتزمير لاخرى سراً أكان الدافع واضحا أو مرموزاً ، أن يحب مصر ويحترم "صعيدها" بما فيه من أخلاقيات  وأعراف وشيم تمثل واجهة الرجولة الفذة، والحمد على النعمة، والإكتفاء بالحلال مهما قدم الأخير لصاحبه أضيق خدمة، وأن يروي عطشه (كما رويتُ شخصياً عطشى) بماء النيل مباشرة دون تصفية أو اضافة أي مادة كيماوية ، أما الخيار الثاني أن يرحل ، وإن لم يفعل فمصر كفيلة بذلك عن أدب جمّ ، وألْسِنَة محلية تفوه بحلو نغم ، بعد أداء واجب الزيارة .
 أسوان ، لمصر الميلاد والتاريخ أدق وأعمق عنوان، مَنْ وَصَلها بالخير عانقته بالاحضان ، عناق فؤاد أم الدنيا لمن دخلها بنية حسنة وأمان ، لا تسألُ من أين أتيتََ ، بنباهتها  تحدِّد جنسيتك ، وتتصرف بهدوء وثقة في النفس معك، خلال اول لقاء ، بعدها تمكِّنكَ من المقام الذي تختاره ليرحِّب بك أهله وكأنك من أفراد الأسرة ، ذاك سر مرتبط بما سبق ذكره عن محبة مصر الحب الطبيعي البعيد عن مساحيق المجاملة العقيمة واستغلال الفرص المجانية .
اسوان حزان للمعرفة والعلوم ، وسكنٌ مريحٌ دائمٌ لمياه استمرار الحياة ليوم النشورالمعلوم، عاشقها مثلي يسمع لهدوء سريان النيل النبيل لحناً يسبح لخالقه في ترنيمات يترجمها المنصت بقلبه تضرعات للباري الوهاب أن يحفظ مصر وأهل مصر بما حفظ به القرآن الكريم ، فيها تحسُّ أنك تلامس مع كل خطوة تتقدم بها نحو أول سد شيد (انطلاقا من سنة 1899 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني كأكبر سد في عالم ذاك العصر، طوله 2141 وعرضه 9 أمتار ، تتخلله 180 بوابة ) أن خيالََ مَنْ طَواهُم الثَّرَى من سنين ساحقة في عمر الزمن يقدمون ما تشتهيه من حماس البحث عن السر الدفين لحقيقة هذه الأرض .. إن كانت مسكونة مع بدء البدء  بالبشر وحسب .. أم بأرواح لا يعلم شكلها ولا مهامها سوى الحي القيوم ، إذ ما وُجد كتراث ليظل حتى الفناء، مُلزَمٌ بتهيئ الأساسات المعجزة صلبة تنأى به عن الزوال قبل ذاك الأوان المحسوم .
مصطفى منسغ
Mustapha Mounirh
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان بسيدني – أستراليا

الكاتب العام الوطني لنقابة الأمل المغربية

dimanche 22 juillet 2018

من تطوان إلى سيدي علوان (2 من 5)

من تطوان إلى سيدي علوان (2 من 5)


المغرب : مصطفى منيغ

الانتقال "مِن .. إلى" ليس مجرد مواصلة  التعبير بواسطة حرفين اتفق علماء اللغة ومنهم سِيبَوَيْه على تسميتهما ضمن أخريات  بحروف الجر أكان المجرور بها عادل أو مجرد حاكم جائر ، ولكن هي دقة حصول التغيير المُرتقب سلمياً بالنسبة للأول وعن طيب خاطر، أو المفاجئ مهما احتاطَ الثاني و ظَنَّ أنها دائمة له تلك الحالة بقوة نفوذ مهما بلغت لن تَضُرَّ أو تنفعَ جناح بعوضة أمام إرادة تستمِّدُ حقها من سُنَّةِ الحياةِ بانتصار الحق والعدل وإصلاح ما أتلفه الطاغي مهما طال أو فصُرَ الأمد حيث لكل مستقبل حاضر
مَن كان يصدق أن الشعب التونسي الشريف قادر على جعل كلمته تصل لزعزعة كل الأسوار المرتفعة التي شيدها زين العابدين بن علي  ليكون مهما عاش الرقم الصحيح في معادلة الحكم المطلق وبقية الشعب مجرد كسور لا شأن لها بأي مستقبل لأي نوع من أنواع الرغبة في الحياة الطبيعية البعيدة عن الذل والمهانة وأصغر الصغائر، كان يكفي لصفعة اصطدمت بخد شاب تونسي أصيل يعرق لسب قوت يومه  محمد البوعزيزي لتشعل بها تلك الشرطية المكونة في مدرسة حاكم مستبد ظالم متمسك بأحقر الحقائر، نارا لم تنطفئ الا باسترجاع التونسيين حكم نفسهم بنفسهم مبددين جبروت نظام تسلط على الرقاب مدة 23 عاما حاسبا نفسه آخر الأواخر ، إن غاب مُسحت خريطة تونس فلا عاش فوق ثراها بشر أو حلّق في سمائها طائر، قمة غرور يقف كل ذي عقل سليم أمامه حائر.   
 الآن أترجمُ بالكلمات ما شعرتُ وأنهيتُ به انطباعي وأنا أتابعُ كغيري تطورات الثورة التونسية. تسوقني لذات الاهتمامات محبتي لتونس القائمة على كفتي العقل والقلب في ميزان الوفاء لتلك الأرض المعطرة بشيم الكرم والتسامح والمصداقية والتآلف والتراحم ، وكما توقعتُ ، انتصر الشعب التونسي العظيم واندحر الظلم  بلا هوادة أو رجعة .
... قررتُ أن أزور المكان لأستنشق عبير الحرية التونسية وأملأ صدري (بالمعنى المُقنع للحواس) عن ذاك الناتج ومصدره  وحدة الشعب على كلمة واحدة ساحقة للطغيان.
 قبل الرحيل خصني السفير السابق لجمهورية تونس بالمملكة المغربية الأستاذ "رافع بن عاشور" بتصريح كان الأخير له قبل الالتحاق بوطنه مُنهياً مأموريته الدبلوماسية بالمغرب، جاء فيها كمقدمة:
 "أريد أن أشكر لك الأستاذ مصطفى منيغ هذه المبادرة الطيبة الكريمة واهتمام جريدتك بتونس وبالشعب التونسي ، في الواقع ليس هذا بالغريب عن مغربي نظرا لما تمتاز به العلاقات بين الشعبين التونسي و المغربي من وشائج القربى والمحبة منذ تاريخ طويل، هذه العلاقات مميزة أيضا على الأصعدة الرسمية بين الدولتين منذ استقلال بلدينا رغم تغير الظروف التاريخية. الشيء الذي لا بد أن نؤكده كون العلاقات التونسية المغربية كانت دائما مثالية على عكس ما عرفته مع بعض الدول الأخرى . "
... قرأتُ في عيون من قابلتهم من تونسيات وتونسيين الإصرار على بناء دولة تونس جديدة ، محصنة بالجدية ، قوية بمقومات مبدئية ، مخلصة للثوابت الثورية ، متحمسة لبسط العدالة والكرامة وتمتيع الإنسان بحقوقه المشروعة كاملة على مجموع تراب الجمهورية. وفي قراءتي تيك تيقنتُ أن تونس انتقلت بالانتصار على جور العهد البائد إلى ترسيخ مرحلة الحق والقانون بتوزيع الكفاءات لخدمة الوطن الواحد خدمة الراغبين في تعويض ما فات والعمل الند للند مع المتقدمين عبر العالم أكانوا من الشرق أو الغرب لا فرق ، إضافة إلى الخلاص من ملفات التفقير والتهميش والإقصاء، المغلقة معالجتها  سابقا بالشمع الأحمر لتنعم أقلية بما تنعمت به ، الخلاص التام المؤدي لما هو أهم، أن يحس التونسيون أنهم سواسية أمام الفائدة العامة بتدبير شؤونهم الحياتية تدبيرا يقدم القيام بالواجب ليعم المجتمع ، بعد الثورة المباركة ، مهما كان التقسيم الإداري لضبط "المحافظات" التنافس الشريف والاتفاق على وضع المسؤول المناسب في المكان المناسب . طبعا ثمة اختلافات في الرؤى إذ الساحة السياسية تعج بما اعتقد المشاركون بوجودهم داخلها أنه حق مكتسب لهم للتعبير عن توجهاتهم بما لزم الأمر من شكل وسط إطار من التمدن القاضي بالحفاظ على مكتسبات الثورة دون المساس بحق الغير أو التصادم اللاعادي بحرية تعبير الأطراف الأخرى أو الاعتداء على الممتلكات المحسوبة على ملكية الشعب الرسمي منها كالخاص ، وإنها لوضعية صحية تبرهن أن الأمة التونسية العظيمة حية في المطالبة بحقوقها التي من أجل التمتع بها فجرت الثورة كالبركان ، أصاب حممه جسد الاستبداد والطغيان، الذي لم يسعفه استعمال القوة وإشعال النيران ، تخويفا لمن برهنوا أنهم أشجع الشجعان ، وقتما يشاء الرحمان ، المجيب لدعوة المعذبين المقهورين المُبْعَدِين بغير موجب حق عن ثروات أصاب مِنْ مجملها مَن عاثوا في الأرض فسادا على قلتهم .
بالتأكيد هناك تباين في تموقع فرقاء المكونات السياسية ،  لكن الأمة التونسية العظيمة أكبر من حوارات الهواء الطلق أو داخل الصالونات أو من خلف الميكروفونات أو حيال شاشات فضائيات مختلف الأجناس والقناعات التحريرية والأبعاد المقصودة عن دراسات أكاديمية أو اندفاعات عشوائية ، أكبر بما تنتجه هذه الأمة الأصيلة من موقف المواقف أدهش العالم ومكن الملاحظين من محللين ومهتمين مخابراتيين من تصحيح معلوماتهم السابقة بحقائق مأخوذة من الواقع المعاش بكيفية متلاحقة  على أرضية تغلي بما يُعَوّلُ عليه في تنقية الأجواء العامة بما بقي عالقا بها يصارع البقاء على نفس المنوال ، لكن هيهات أن يظل حاله كالحال المأمول انجازه بأفكار وسواعد الفضلاء من الرجال . أجل هناك تفاوت في المواقف ، أكان المقصود اهتمام بقيادة الجهاز التنفيذي ، أم التواجد داخل الشطر التشريعي ، في تحمل مسؤولية التسيير لشؤون الدولة عملا على تنظيم المنظم ، و تقويم المُقحم ، و صيانة تطلع الشعب لما هو أهم الأهم ، كالاستقرار مفتاح الأسمى من الاستثمار ، المُتَرْجَمُ بالإحصاء الرسمي إلى منصب شغل لكل راغب فيه وعلاج لكل محتاج إليه ، وتعليم لكل متعطش للنهل منه ، وأمن لكل محروم من وجوده . (يتبع)
الصورة : الاستاذ رافع بن عاشور السفير السابق لتونس بالمغرب ومصطفى منيغ
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا